أولا ـ مدلول الزحاف :
يعرف علماء العروض الزحاف بأنه ( تغيير يلحق بثوانى أسباب الأجزاء للبيت ، أى أنه لا يكون إلا فى السبب الثقيل أو الخفيف من التفعيله ـ وهو يتخذ صورتين من التغيير
( أ ) ـ تغيير الحركة ( ب ) حذف الحرف .
فتغيير الحركه مثل تسكين التاء فى (متَفاعلن) فتصير (متْفاعلن) وحذف الحرف مثل حذف الألف في ( فاعلن) فتصير (فعلن) ويسمى ذلك التغيير فى شكل التفعيله (خبنا)
ومن خصائص الزحاف أنه إذا دخل فى بيت من أبيات القصيده فلا يجب إلتزامه فى باقى الأبيات وأنه يمكن أن يدخل أجزاء البيت كلها (من صدر وعجز، وعروض وضرب وحشو).
ثانيا ـ مدلول العله :
العله هى تغيير فى شكل التفعيله مختص بثوانى الأسباب واقع فى عروض البيت أى فى التفعيله الأخيره من الشطره الأولى ـ والضرب لازم لهم أى أنه إذا لحق هذا التغيير بعروض أو ضرب فى أول بيت من قصيده وجب استعماله فى سائر أبياتها .
فالعله لا تدخل فى حشو البيت ، وانما تختص بالعروض والضرب أما الزحاف فيدخل فى جميع أجزاء البيت .
وهذه التغييرات التى تطرأ على التفعيلات الشعريه فى داخل النسق الإيقاعى للبحر الشعرى ـ الذى ينظم عليه الشاعر قصيدته أو قصائده تتنوع من تغيير حركى الى تغيير يحذف بعض الحروف، الى تغيير بزياده بعض الحروف الى تغيير مزدوج باجتماع زحافين فى تفعيله واحده
كل هذه التنويعات فى شكل التفعيله الشعريه ، لا تسبب اضطرابا فى موسيقى الشعر ، ولا خللا فى ايقاعه . بل عدها النقاد مظهر ثراء للموسيقى الشعريه وبخاصة فى ( الشعر المقفى ) لأنها تقضى على الرتابه الإيقاعيه ، وتدفع الملل عن المتلقى .
فالايقاع فى الشعر المقفى يتمثل فى التفعيله التى تتكون من تكرارها وحدات البيت الموسيقيه ، والوزن يتمثل فى مجموع تفاعيل البيت .
وغير صحيح أن الوحدات الإيقاعيه المتمثله فى تفعيلات البيت الواحد متساويه تماماً لأن التفعيلات تختلف تبعاً للزحافات والعلل العروضيه التى تطرأ عليها .
فمثلاً: (متفاعلن) يمكن أن تصير (متفاعلن) أو (متفاعل) أو (متفاعل) بتسكين التاء أو تحريكها، أو تصير (متفا) أو (متفا) بتسكين التاء أو تحريكها .
و(مستفعلن) يمكن أن تصير (فعلاتن) أو (فالاتن) أو (فاعلا) أو (فعلا) أو (فعلان). فالتفعيلات كلها تتنوع موسيقيا فى البدء والحشو والختام فى الأبيات.
وحروف الكلمات التى تقابل حروف التفعيلات تختلف بعضها عن بعض ، ما بين حروف ساكنه وحروف طويله وحروف لينه ، وهذا الإختلاف الصوتى ينوع الموسيقى وينوع معانى الإيحاء الموسيقى فى الوزن الواحد .
ويقول د / محمد مندور ( وأما شعرنا العربى فمن المعروف أن أساسه الموسيقى أو العناصر الأوليه فى موسيقاه فى الحركه والسكون ، ومن هذه الحركات والسكنات تتكون الفواصل المختلفه ، وكل مجموعه من الفواصل تكون تفعيله تقابل ما يسمى بالقدم عند الغربيين .
وأوزان الشعر العربى تتكون من مجموعات من التفاعيل ( المتساويه ) أو ( المتجاوبه ) مع اختلاف بسيط تسمى ( بالزحافات والعلل) وهى الخلافات التى لا تؤدى الى تغيير النسق الموسيقى العام للبيت الشعرى ، وقد يكون بعضها مما لا تكاد تدركه الأذن ، وانما يكتشف بالتقطيع لا بالترجيع ، وبعضها الآخر يستدرج بعمليات تعويض عند إنشاد الشعر .
ومن أهم وسائل التعويض الصمت الخفيف فى بعض المواضع .
ويؤكد د مندور أن الخروج على نظام البيت الشعرى (ذى الشطرين ) أحدث ضعفا فى الإيقاع فى ( الشعر الحر ) يقول فى معرض موازنته بين موسيقى الشعر الحر والشعر المقفى ولكننا نحس بأن هذا النوع من الشعر ( الشعر الحر ) إذا كان يحتفظ بالكم الموسيقى أى بالوحده الزمنيه التى تتكون من التفعيله ، وطريقة البناء الداخلى لكل تفعيلة إلا أن الخروج على البيت كوحده موسيقيه يضعف الإحساس بما يسمونه فى علم الموسيقى (بالإيقاع) وهو (تردد ظاهرة معينة على مسافات زمنيه متساويه أو متقاربه ، داخل الوحده الموسيقيه ، وقد تكون هذه الظاهره صمتا خفبفا أو سكونا أو حركه معينه ، زالذهاب بالإيقاع أو ضعفه فى الشعر الجديد هو الحافز للثوره ضده ، لأن ضعف الإيقاع فى هذا الشعر يقلق الآذان التى اعتادت على وضوح الإيقاع فى النمط التقليدى للشعر العربى القائم إلى اعتبار البيت كله بتفاعيله المحدوده الوحده الموسيقيه للقصيده )
وإذا كان الزحاف فى بعض تشكيلاته يعد مظهر ثراء موسيقى وخصوبه إيقاعيه ، فإنه فى احيان أخرى إذا أكثر منه الشاعر فى قصيدته يكون مصدر خلل واضطراب .
وقد ألمحت الى هذه الظاهره ( نازك الملائكه ) وعابت على الشعراء المحدثين من شعراء ( مدرسة الشعر الحر ) إفراطهم فى استعمال ظاهرة ( الزحاف ) وبخاصة فى ( بحر الرجز ).
ومن الملاحظ أنها بالغت فى تضخيم فساد هذه الظاهره وهى التصرف فى تفعيلة بحر الرجز ( مستفعلن ) بالتغيير فى السببين الخفيفين ( مستف ) أو ( الوتد المجموع ) ( علن ) ، وتقول معنفة أصحاب الشعر الحر ( وإنه لعار يلحق بالشعر الحديث ان تكون ) منظومات أسلافنا التعليميه ( مثل ألفيه ابن مالك وغيرها ) أوفر موسيقى من شعرائنا المعاصرين ، ونحن أشد أسفا على ذلك لأننا ندرى أن شعراءنا لا يقلون مواهب عن أولئك القدماء غير أن الإستهانه بالقواعد وقلة المبالاه بالخطأ قد باتت فى عصرنا شبه نمط مضلل وقع فيه الجيل ، وليس الذنب ذنب الحريه كما يظن أناس يحبون التقليد والجمود ، وانما هو ذنب الجهل وضعف السمع حينا ، وذنب عدم المبالاه أحيانا .
وتضعف ( نازك الملائكه ) الزحاف الذى يمس تفعيلة بحر (الرجز) فيحيلها من ( مستفعلن ) الى ( مفاعلن ) بأنه مرض شاع شيوعا فادحا فى الشعر الحر ، واستهان به الشعراء ، أو لم يحسوا به فتركوه يغيث فى شعرهم ويفسد أنغامه .
والواقع أن هذا الزحاف مباح فى وزن الرجز ، وقد ورد فى شعر أسلافنا كثيرا وكان وروده جميلا مقبولا لا مأخذ عليه .
وإنما أبيح ذلك فى وزن الرجز لأنه يدخل تنوعا وتلوينا على التفعيله ( مستفعلن ) حيث الإنتقال منها الى زحافها ، بين الحين والحين ، يدخل على القصائد الرجزيه جمالا وموسيقيه ، ولم يزل الشاعر العربى الحديث يلجأ الى هذا التنويع الذى هو صفه عامه فى بحر الرجز فى تركيبه ، والعرضيون يعترفون بها ويفسحون لها مجالا فى كتبهم وقواعدهم .
غير أن ما لم يفعله الشاعر القديم قط ، وإنما ينزلق اليه الشاعر المعاصر ، هو أن يكتب أبياتا كامله ، وأشطر تفعيلاتها كلها مصابه بالزحاف .
هذا مثلا نموذج من شعر ( صلاح عبد الصبور ) قال فى الرجز :
( وحين يقبل المساء يقفر الطريق والظلام محنة الغريب )
وقد اعترضت ( نازك الملائكه ) على موسيقى هذا البيت لأن تفعيلات البيت كلها دخلها الزحاف وهو ( الخبن ) حذف الحرف الثانى الساكن .
وهذا التغيير الذى طرأ على جميع التفاعيل جعلت البيت كما تقول الناقده الشاعرة (ركيك الإيقاع، ضعيف البناء، منفرا للسمع).
وتقطيع البيت هكذا :
وحين يقـ بل المسا ءُ يقفر الط
متفعلــن متفعــلن متفعلـن
ريق والظ ظلام مِحسـ ـنةُ الغريب
متفعـلن متفعــلن متفعـــلان
وتعلق ( نازك الملائكه ) على هذا التصرف الموسيقى الضار بالإيقاع الشعرى قائله :
ومن المؤسف أن يكون النادر اليوم فى قصائد الرجز هو التفعيله السليمه وأن شعرنا صار من المرض بحيث كدنا أن ننسى طعم العافيه ، وقد تفشى الزحاف الذى هو فى نظرنا مسئول الى حد كبير عن شناعة الإيقاع ، والنثريه ، وغيرهما مما يشكو الجمهور وجوده فى الشعر الحر ، والحق مع الجمهور
وإذا كانت الشاعره نازك الملائكه تقف بحزم فى وجه الشعراء الذين يستهينون بضوابط العروض ومصطلحاته ، وتصفهم بالجهل وضعف السمع ، وعدم المبالاه .
فإن ميخائيل يتطرف فى موقفه المضاد لموقف نازك الملائكه ويرمى عروض الخليل بالجمود والتأخر والسفسطه ، يقول معقيا على اكتشاف الخليل ( للأوزان الشعريه من مقال له تحت عنوان ( الزحافات والعلل )
منذ ذلك الحين ياأخى ( أى بعد اكتشاف الخليل لعلم العروض ) أخذ الوزن يتغلب رويدا على الشعر الى أن أصبح الشعر لاحقا والوزن سابقا ) وأصبح كل من قدر على أن يتغلب على عروض الخليل بأوزانها وزحافاتها وعللها أهلا لأن يدعى شاعرا .
لو نظرت ياأخى الى ما جمعناه منذ نيف وألف سنه لوجدته ـ مع استثناء قليل منه ـ معروضا للأبحر الشعريه بين طويلها وبسيطها وكاملها وخفيفها ـ الخ مع ما يطرأ عليها من ( الزحافات والعلل ) .
لا تضحك ، فالموقف موقف بكاء لا ضحك ، أمن المضحكات أن ندفن ألف سنة من حياتنا الأدبيه بالزحافات والعلل ؟
العروض لم يسئ الى شعرنا قط ، بل اساء الى أدبنا بنوع عام ، فبتقديمه الوزن على الشعر قد جعل الشعر فى نظر الجمهور صناعه ، إذا أحاط الطالب بكل تفاصيلها أصبح شاعرا ، وأذ أن للشاعر منذ بدء التاريخ مقاما رفيعا بين قومه أصبح كل طالب شهره يلجأ الى العروض كأنه أقرب الموارد ، وبذاك انصرف أكثر مواهبنا الى قرض الشعر ، فأفقنا اليوم ولا روايات عندنا ولا مسارح ولا غلوم ولا اكتشافات ولا احتراعات .
ويروى ميخائيل نعيمه أن الشعر الحقيقى لا ينحصر فى عشرات من البحور ولا فى ألوف من الأبواب ، ففى كل عاطفه باب ، وفى كل فكر بحر ، بل إن فى مظهر العاطفه الواحده ، ألف باب وباب ، وفى ثنية واحده من ثنيات الفكر الواحد ألف بحر وبحر، ومتى أدرك الشعراء الجدد أن مصدر الشعر طى النفس عكفوا على درس أنفسهم ، وتفقدوا زواياها وخباياها ، حتى إذا ما عثروا هنالك على عاطفه ترتعش وفكر يتململ صاغوا لتلك العاطفه ولذاك الفكر لباسا من الكلام يليق بهما .
وليس من الكلام ما يليق لباسا للعاطفه الحيه والفكر المستيقظ الا ما جمع منه بين ائتلاف الوان الرسام وتناسق اشكال النحات وتوازن خطوط البناء وترابط الحان الموسيقى .
وحين نعاود قراءة مقال ( ميخائيل نعيمه ) كله ( فى كتاب الغربال ) ندرك أنه لم يقصد الى ارساء أسس نقديه ، وقوانين علميه لموسيقى الشعر العربى ، ولكنه يتكلم بعاطفة الأديب وليس بعقلية الباحث .
وليس هناك ناقد أو أديب أو شاعر عربى له قدمه الراسخه فى ميدان النقد والشعر يعتقد أن قواعد العروض تسبق التجربه الشعريه ، وتصيح غاية للشاعر ، فقديما قال أبو العتاهيه :
( أنا أكبر من العروض ) ومسيرة التجديد الموسيقى فى الشعر العربى لم ينحسر مدها ، ولم ينطفئ وهجها .
والذين ينظمون شعرهم تحت مظلة العروض ( وفقط ) ليس لهم مكان فى ساحة الشعر التى يحميها فرسان الكلمه ، وحماة فن العربية الأول ( الشعر ) وهم الشعراء الحقيقيون .
ثالثـا : أنواع الزحافات :
ينقسم الزحاف الى قسمين :
أ ـ مــــفرد
ب ـ مركـــب
أ
***
السبت مارس 10, 2012 1:56 pm من طرف sasoo
» انزل يما
السبت مارس 10, 2012 1:31 pm من طرف احمد الرفاعي
» هواتف وايميلات كبار مشايخ المملكة العربية السعودية
الثلاثاء يوليو 06, 2010 6:36 am من طرف هاني يحيي
» اخر اخبار الرياضة جدو موضوع الساعة
الثلاثاء يوليو 06, 2010 6:32 am من طرف هاني يحيي
» ارمى العضو اللى انت عاوز من الطياره لما توصل لرقم7
الثلاثاء يوليو 06, 2010 6:16 am من طرف تريكه الشونى
» اسرع الطرق وافضلها لتعلم اللغة الانجليزية... ادخل لا يفوتك الموضوع!!!
الخميس يوليو 01, 2010 8:16 pm من طرف امل الديب
» سلسلة مقالات بعنوان حياته صلى الله عليه وسلم بإيجاز
الجمعة يونيو 25, 2010 9:25 am من طرف هاني يحيي
» الزمالك والاسماعيلي ومقايضة غريبة
الخميس يونيو 24, 2010 1:24 pm من طرف هاني يحيي
» مقاطع التعريف بنبي الرحمة صلى الله عليه وسلم
الأربعاء يونيو 16, 2010 6:54 am من طرف تريكه الشونى
» امونديال العالم ....واستعدادات الجنس الرقيق
الأربعاء يونيو 16, 2010 6:50 am من طرف تريكه الشونى
» تعارف اعضائنا
الأربعاء مايو 19, 2010 4:29 am من طرف تريكه الشونى
» (سلسة ما وراء الطبيعه كامله) سلسلة القصص التي اعشقها
الثلاثاء مايو 11, 2010 11:17 am من طرف احمد الرفاعي
» كلمات كتبها مجنون
الثلاثاء مايو 11, 2010 10:55 am من طرف احمد الرفاعي
» حماس توجة اتهام لمصر بسبب......................................
الجمعة أبريل 30, 2010 8:44 am من طرف هاني يحيي
» احمد عزفي مواجهة ساخنة مع البرادعي
الجمعة أبريل 30, 2010 8:38 am من طرف هاني يحيي
» 7 جرائم جنايات في يوم واحد
الجمعة أبريل 30, 2010 8:18 am من طرف هاني يحيي
» ما أصعب فراق الاحبة!!
الثلاثاء أبريل 27, 2010 2:08 pm من طرف هاني يحيي
» مكياج يدخلك الجنة ان شاء الله
الثلاثاء أبريل 27, 2010 1:50 pm من طرف هاني يحيي
» أهتمامات الشباب وأختلااافها من شخص لأخر ,
الجمعة أبريل 23, 2010 3:42 am من طرف احمد الرفاعي
» حصة مصر في النيل في خطر
الثلاثاء أبريل 20, 2010 11:44 am من طرف هاني يحيي
» وزير التربية والتعليم يعيد التعليم لسابق عهدة
الثلاثاء أبريل 20, 2010 11:40 am من طرف هاني يحيي
» يوميات شاب بيحب بنت ستايل الحلقتين السادسه و السابعه
الإثنين أبريل 19, 2010 11:27 am من طرف احمد الرفاعي
» يوميات شاب بيحب بنت ستايل الحلقه الخامسه
الإثنين أبريل 19, 2010 11:09 am من طرف احمد الرفاعي
» قوانين قسم الاخبار والانباء العاجلة
الإثنين أبريل 19, 2010 7:50 am من طرف هاني يحيي
» سلسه ما وراء الطبيعه السلسه القصصيه التي اعشقها
الأحد أبريل 18, 2010 4:18 am من طرف احمد الرفاعي